السؤال: نرجو توضيح من هم الثلاثة المقصودون في قول النصارى: ثالث ثلاثة؟
الجواب: النصارى من شركهم يستفتحون صلاتهم ومواعظهم في كنائسهم بقولهم: باسم الأب والابن وروح القدس، وهذه هي الثلاثة: الأب، والابن، وروح القدس، لكن كما قال
ابن القيم رحمه الله قال: '' لو اجتمع من النصارى عشرة نفر لتفرقوا في عقيدتهم على أحد عشر قولاً '' فإذا فتح أحدكم -ولا نعني أي أحد لكن من يعرف هذه الأديان وضلالها وباطلها- ليسمع ساعة الإفساد التي يسمونها ساعة الإصلاح في مونتكارلو وغيرها، فيجد أن المذيع لا يستطيع أن يحدد بالضبط العقيدة، حيث لو حدد لاختلفوا فيه، فهو يقول: إنه المسيح والمخلص والمنقذ وكذا، والثلاثة واحد والواحد ثلاثة، لكن العلاقة بين هذه الثلاثة يقولون: هذا سر، علينا أن نؤمن ولا نفكر، كيف تؤمن بهذا الضلال ولا تفكر فيه؟!
فالحمد لله الذي ميزنا بالتوحيد، ففي
أوروبا و
أمريكا تجد الإنسان من عباقرة العلم الدنيوي، في علم الفلك أو علم الفضاء أو علم الذرة، وفي العلوم الطبيعية والتجريبية، فإذا سألته عن دينه يستحي -والله أكثرهم يستحي- وبعضهم يقول: اترك جانب الدين، لا أريد أن أتكلم فيه،وإذا رأى أن المسألة فيها إلزام يقول عن نفسه: أنه غير متدين أصلاً، لأن ليس عنده شيء يدافع عنه.
وإذا تكلمت مع أستاذ رياضيات مثلاً -وكل واحد يعرف مبادئ الرياضيات- تقول له: كيف هذا واحد وهذا واحد وهذا واحد، وأنتم تقولون: الأب، والابن، وروح القدس، إله واحد، فكيف الثلاثة واحد؟! فيقول لك: لا أعرف.
وأكثر الغربيين المفكرين يريح نفسه، ويقول لك: هذا موضوع الدين لا أفتحه ولا يهمني، لكن إذا كان شخص منهم متعصب، ممن يريدون أن ينصّروا -وهؤلاء خطرهم عظيم- فإنه يقول: لا. هذه عقيدة عظيمة، وهذا سر، وإذا سمعت كلامه وفلسفته، وذهبت إلى غيره فإنك تلاحظ كلاماً آخر، وغيره كلام ثالثاً... وهكذا.
وكل كنيسة لها مذهب، فـ
البروتستانت لهم رأي، و
الكاثوليك لهم رأي، وكل واحد له رأي، وكل شخص يفسر ويترجم على حسب هواه، والقصص الواقعية في هذا الشأن كثيرة.
وقد قال لي أخ قابلته وكان نصرانياً ثم هداه الله للإسلام، وهو رجل آتاه الله ذكاءً وفهماً، فسألته فقال: أنا ألخص لك الموضوع في كلمة واحدة، الإسلام دين بلا رجال، و
النصرانية رجال بلا دين.
فالإسلام دين حق وقوة لكن من يدعو إليه وينشره ويطبقه، ومن يقيمه حتى يراه الناس؟
نحن إن دعونا الناس إلى الإسلام بأقوالنا، فأعمالنا تقول لهم لا تفعلوا، وهذه حقيقة، وإن لم نعترف بالحق فلا خير فينا أصلاً، فيجب أن نعترف بقاعدة العيب والخطأ.
وهذا الغرب على ما فيه من ضلال وكفر وظلمات، هم مثل ناس في الظلام، لكن وضعوا علامات وأعمدة، فيمكن للواحد أن يمسك بهذه أو بهذه، فهم لم يروا شيئاً، وهم في ظلام،ولم يدخلوا الجنة،ولم يروا النور؛ لكن بناءً على هذه العلامات وتمسكهم بها،قاموا في الدنيا،واستعمروا العالم، وفرضوا فكرهم وثقافتهم ورأيهم وهم أصغر قارة في العالم، وكانوا أمنع الناس من ظلم الملوك،وأرأفهم بالضعيف والمسكين،كما قال
عمرو بن العاص رضي الله عنه عنهم، وهذا موجود في
أوروبا، و
أمريكا، فالإنسان هنالك له دينه، ويستطيع أن يتكلم ويطالب، والنظام هو المهيمن على حياتهم، ولا يوجد وساطات.
لكن نحن في النور، والحمد لله مثل الشمس في رابعة النهار، لكن نمشي وبعضنا يصدم بعضاً، وبعضنا يضرب في بعض، فلا نستطيع أن نمشي في خط مستقيم، مع أننا في النور، وهذا الفارق بيننا وبينهم، فمع أنهم في الظلام إلا أنهم تمسكوا بالنظام والعدل وبأشياء غطت ما عندهم، فتكلمهم في أي موضوع إلا الدين فهم يستحون ويخجلون منه، أما المسلمون -والله المستعان- فدين ولكن بلا رجال.